د. بكر صديق
لا مناص في ان المؤسسات الدستورية القائمة في اقليم كوردستان ، اصبحت غير محصنة من الزوال ، بسبب رزمة من الاحكام والقرارات التي اصدرتها او التي تصدرها المحكمة الاتحادية العليا. هذه القرارات ، باختلاف انواعها تستهدف المساس بالاستحقاقات الدستورية القائمة لصالح اقليم كوردستان . في هذا المقال نود ان نستذكر الصلاحيات الدستورية والقانونية التي يمكنكم اللجوء اليها لمواجهة الظروف المؤاتية بسبب حل البرلمان من جهة ومن جهة ثانية وفي سبيل الذكر ، نشير الى النقاط اللاقانونية التي شابت القرارات المحكمة الاتحادية المتعلقة بحل البرلمان وقانون انتخاب البرلمان ومن ثم قرارها بتوطين رواتب الموظفين.وعلية سوف نبادر بذكر تلك الانحرافات للمحكمة الاتحادية وما يمكن التمسك باسانيد قانونية وعرفية لمواجهة الظرف الاستثنائي المفروض على اقليم كوردستان ومؤسساته الدستورية ، من خلال النقاط التالية:-
اولا:الملاحظات القانونية العامة
1-هناك قواعد قانونية عامة لا يمكن لاية محكمة ان تتغاضى او التنصل عنها عندما تصدر حكما بخصوص قضية معروضة امامها لانهاء الخصومة . ومن اهم هذه القواعدهي:-
أ-لا يجوز ان تنطق المحكمة في منطوق حكمها بتجاوز طلبات الخصوم.وتكييفا لهذه القاعدة ان المحكمة تجاوزت في قرار ها المتعلق بامور الكوتا في قانون انتخاب برلمان كوردستان طلبات الخصوم لان الغاء الكوتا لم يكن طلبا من طلبات الخصوم بل كان الطلب للمدعي هو اعادة النظر في عدد الكوتا وسبل توزيعها على الدوائر الانتخابية.
ب-لا يجوز للمحكمة ان تصدر قرارا ، يعلق تطبيقه على تحقيق شرط او شروطا معينة.فحسب هذه القاعدة ان المحكمة ليست صائبة في قرارها المتعلق بتوطين رواتب الموظفين لان التوطين معلق على شرط توفر ادخال البيانات واصدار بطاقات ذكية لدفع الرواتب بدلا من تمويل الاقليم لرواتب موظفي الاقليم
ج-لايجوز للمحكمة ان تصدر حكما او قرارا يحتوي على امر او توجيه للسلطات الادارية، لان ذلك يخالف مبدأ الفصل بين السلطات الذي اكدت عليه المادة 47 من دستور 2005.وهذا هو الانحراف الذي اوقعت فيه المحكمة عندما اصدرت قرارها بخصوص توطين الرواتب ، لانه الاولى بالمحكمة ان تفصل نزاع المعروض امامها والمتعلق بامور تمويل الرواتب ، على نحو لا لبس فيه كي لا تتغاضى او تتنصل وزارة المالية الاتحادي عن تاخير تمويل رواتب موظفي الاقليم لوزارة المالية لاقليم كوردستان.
ثانيا:الصلاحيات القانونية التي يمتلكها رئيس الاقليم لمواجهة ظرف استثنائي او حالة الطواريء
d.sarwar, [4/5/2024 2:22 AM]
ان حل البرلمان وتداعياته القانونية والسياسية وما تمخضت عنه من اتساع تدخلات المحكمة الاتحادية في مجالات مختلفة ضد الاستحقاقات الدستورية لاقليم كوردستان ، يعد من احد تطبيقات حالة الضرورة او ما تسمى بحالة الطواريء.فصحيح ان امر السلامة الوطنية رقم 1 لسنة 2004 وما اوحت بها الفقرة تاسعا من المادة 61 من دستور 2005 لا يعتد بها بخصوص ما يعاني منها اقليم كوردستان ، لان المشرع في امر السلامة الوطنية والمشرع الدستوري في المادة 61 من دستور 2005 المشار اليها ،لم يكونا موفقان في تدوين جميع حالات التي تؤدي الى حدوث ظرف استثنائي ، حيث ان حالة الطواريء هي خطر محدق يداهم جميع او احد المؤسسات الدستورية بسبب الحرب او الاضطرابات الداخلية او عدوانا خارجية او تفشي وباء او عندما تكون الدولة في حالة حل المؤسسة التشريعية ، كل هذه الحالات تجعل الهيئات الدستورية غير قادرة على القيام بمهامها الموكلة اليها وفقا للدستور او القوانين المنظمة لاعمالها في الظروف العادية .ففي تلك الحالة وخصوصا عندما يحل البرلمان لايٍ سبب كان، يحق لرئيس السلطة التنفيذية بسد هذا الفراغ لفترة زمنية استثنائية والتي تسمى عرفا بالمشروعية الاستثنائية ، حيث يباشر رئيس السلطة التنفيذية مهامه من خلال القرارات التنظيمية او اللولئح والتي تسمى عرفا باللواح الضرورة . هذه اللوائح تعد بمثابة قرارات لها قوة القانون. وبناء على ذلك ، ندعو سيادتكم التمسك بتلك الصلاحيات وفقا للقواعد العرفية التي تدعوا الى استخدام سلطة اصدار قرارات الضرورة التي لها قوة القانون لمواجهة هذه الحالة التي شابت اقليم كوردستان بسبب حل البرلمان . ومن هذا المنطلق بمقدوركم ان تخاطبون السلطات الاتحادية ومن بينها المحكمة التحادية العليا ، كي يستوضح لديها بان قراراها المتعلق بخصوص الغاء المواد الداخلة في قانون انتخاب برلمان كوردستان و الغاء الكوتا او اسناد عملية انتخاب برلمان كوردستان الى المفوضية العليا للانتخابات على مستوى الدولة الاتحادية ، لا تدخل في اختصاصات المحكمة الاتحادية ، لانه وبمقتضى العرف المذكور ، يحق لكم على سبيل المثال باصدار قرار تنظيمي وبعد حل البرلمان بتحديد موعد لانتخاب البرلمان ومن ثم اصدار قرار تنظيمي باختيار او تشكيل هيئة قضائية مؤقتة للاشراف وادارة العملية الانتخابية المقبلة وبصورة مؤقتة وهذا هو الحل الامثل القانوني .واستناد على ما سلفنا ، لكم الحق بدخولكم في مفاوضات قانونية مع السلطات القضائية الاتحادية لاعادة هذا الحق القانوني العرفي لكي تتخلي المحكمة عن التدخل في شؤون الانتخابات البرلمانية لان ذلك يمس نظام او مبددأ الفصل بين السلطات وفقا لما اقرت عليه المادة 47 من دستور 2005.